حديث عهد بعرس ، وكان يكره أذى المؤمنين له ، فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) ، فلما نزلت هذه الآية ، كان الناس إذا أصابوا طعام نبيّهم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يلبثوا أن يخرجوا.
قال : فلبث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سبعة أيام بلياليهنّ عند زينب بنت جحش ، ثم تحول إلى بيت أم سلمة بنت أبي أميّة ، وكانت ليلتها وصبيحة يومها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : فلما تعالى النهار انتهى علي عليهالسلام إلى الباب ، فدقّه دقا خفيفا له ، عرف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دقّه ، وأنكرته أم سلمة. فقال لها : «يا أم سلمة ، قومي فافتحي له الباب» فقالت : يا رسول الله ، من هذا الذي يبلغ من خطره أن أقوم له فافتح له الباب ، وقد نزل فينا بالأمس ما قد نزل من قول الله عزوجل : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ، فمن هذا الذي بلغ من خطره أن أستقبله بمحاسني ومعاصمي؟
قال : فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كهيئة المغضب : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ)(١) ، قومي فافتحي له الباب ، فإن بالباب رجلا ليس بالخرق (٢) ، ولا بالنزق (٣) ، ولا بالعجول في أمره ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، وليس بفاتح الباب حتى يتوارى عنه الوطء». فقامت أم سلمة وهي لا تدري من بالباب ، غير أنها قد حفظت النعت والمدح ، فمشت نحو الباب وهي تقول : بخ ، بخ لرجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله. ففتحت له الباب ، فأمسك بعضادتي الباب ، ولم يزل قائما حتى خفي عنه الوطء.
__________________
(١) النساء : ٨٠.
(٢) الخرق : الجهل والحمق. «لسان العرب ـ خرق ـ ص ١٠ ، ح ٧٥».
(٣) النزق : الخفة والطيش. «لسان العرب ـ نزق ـ ص ١٠ ، ح ٣٥٢».