رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) (٤٤) [سورة سبأ : ٤٢ ـ ٤٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : يقول الله سبحانه : (فَالْيَوْمَ) يعني في الآخرة (لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ) يعني العابدين والمعبودين (نَفْعاً وَلا ضَرًّا) أي : نفعا بالشفاعة ، ولا ضرا بالتعذيب (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) بأن عبدوا غير الله (ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) أي : تعترفون بها ، وتجحدونها. ثم عاد سبحانه إلى الحكاية عن حال الكفار في الدنيا فقال (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) أي : تقرأ عليهم حججنا (بَيِّناتٍ) أي : واضحات من القرآن الذي أنزلناه على نبينا. (قالُوا) عند ذلك (ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ) أي : يمنعكم (عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ) فزعوا إلى تقليد الآباء لما أعوزتهم الحجة (وَقالُوا ما هذا) القرآن (إِلَّا إِفْكٌ) أي : كذب (مُفْتَرىً) قد تخرصه وافتراه. (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِ) أي : للقرآن (لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا) أي : ليس هذا (إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي : ظاهر. ثم أخبر سبحانه أنهم لم يقولوا ذلك عن بينة ، فقال : (وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها) أي : وما أعطينا مشركي قريش كتابا قط يدرسونه ، فيعلمون بدرسه أن ما جئت به حق أو باطل ، وإنما يكذبونك بهواهم من غير حجة (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) أي : رسول أمرهم بتكذيبك ، وأخبرهم ببطلان قولك ، يعني أنهم لا يرجعون في تكذيبك إلا إلى الجهل والعناد ، واتباع الهوى (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٢٢٤.