(وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً) أي : خسرانا وهلاكا. (قُلْ) يا محمد (أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) معناه : أخبروني أيها المشركون عن الأوثان الذين أشركتموهم مع الله في العبادة ، أروني ما ذا خلقوا من الأرض أي : بأي شيء أوجبتم لهم شركا مع الله تعالى في العبادة ، أبشيء خلقوه من الأرض. (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) أي : شركة في خلقها. ثم ترك هذا النظم فقال : (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً) أي : أم أنزلنا عليهم كتابا يصدق دعواهم فيما هم عليه من الشرك (فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ) أي : فهم على دلالات واضحات (مِنْهُ) أي : من ذلك الكتاب. أراد فإن جميع ذلك محال لا يمكنهم إقامة حجة ، ولا شبهة ، على شيء منه. وقيل : أم آتيناهم كتابا بأن الله لا يعذبهم على كفرهم ، فهم واثقون به (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) معناه : ليس شيء من ذلك ، لكن ليس يعد بعض الظالمين بعضا إلى غرورا ، لا حقيقة له يغرونهم ، يقال : غره يغره غرورا : إذا أطعمه فيما لا يطمع فيه.
ثم أخبر سبحانه عن عظم قدرته ، وسعة مملكته ، فقال : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) معناه أنه يمسك السماوات من غير علاقة فوقها ، ولا عماد تحتها ، ويمسك الأرض كذلك (أَنْ تَزُولا) أي : لئلا تزولا (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ) أي : وإن قدر أن تزولا عن مراكزهما ما أمسكهما أحد ، ولا يقدر على إمساكهما أحد (مِنْ بَعْدِهِ) أي : من بعد الله تعالى. وقيل : من بعد زوالهما (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً) أي : قادرا لا يعاجل بالعقوبة من استحقها (غَفُوراً) أي : ستارا للذنوب ، كثير الغفران (١).
وقال الصادق أبو عبد الله عليهالسلام : «إن العبد لفي فسحة من أمره ما بينه
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٢٤٩ و ٢٥٢.