عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) (٢٩) [سورة يس : ١٨ ـ ٢٩]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : (قالُوا) أي : قال هؤلاء الكفار في جواب الرسل ، حين عجزوا عن إيراد شبهة ، وعدلوا عن النظر في المعجزة (إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) أي : تشاءمنا بكم (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا) عما تدعونه من الرسالة ، (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) بالحجارة ، وقيل : معناه لنشتمنكم. (وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ قالُوا) يعني الرسل (طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) أي : الشؤم كله معكم ، بإقامتكم على الكفر بالله تعالى. فأما الدعاء إلى التوحيد ، وعبادة الله تعالى ، ففيه غاية البركة ، والخير ، واليمن ، ولا شيء فيه. وقيل : معنى طائركم حظكم ونصيبكم من الخير والشر ، (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) أي : إن ذكرتم قلتم هذا القول. وقيل : معناه إن ذكرناكم هددتمونا ، وهو مثل الأول. وقيل : معناه إن تدبرتم ، عرفتم صحة ما قلناه لكم. (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) معناه : ليس فينا ما يوجب التشاؤم بنا ، ولكنكم متجاوزون عن الحد في التكذيب للرسل والمعصية. والإسراف ، الإفساد ، ومجاوزة الحد. والسرف : الفساد قال طرفة :
إن امرءا سرف الفؤاد يرى |
|
عسلا بماء سحابة شتمي (١) |
أي : فاسد القلب (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) وكان اسمه حبيب النجار. وكان قد آمن بالرسل عند ورودهم القرية. وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة. فلما بلغه أن قومه قد كذبوا الرسل ، وهموا بقتلهم ، جاء يعدو ويشتد. (قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) الذين أرسلهم الله إليكم ، وأقروا برسالتهم. قالوا : وإنما علم هو بنبوتهم ، لأنهم لما دعوه.
__________________
(١) يرى شتمي حلوا عذبا.