وقال أبو جعفر عليهالسلام أيضا : «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ؛ جيء بالموت فيذبح كالكبش بين الجنة والنار ، ثم يقال لهم : خلود ، فلا موت أبدا. فيقول أهل الجنة : (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ).
ثم قال عزوجل : (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) يعني بالفتنة هاهنا العذاب (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) فإنّه محكم.
قوله : (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) يعني عذابا على عذاب. (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) أي يمرّون (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) يعني الأنبياء (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) يعني الأمم الهالكة ، ثم ذكر عزوجل نداء الأنبياء ، فقال : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) إلى قوله تعالى : (فِي الْآخِرِينَ)(١).
ثم قال علي بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في قوله : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) ، يقول : «الحقّ ، والنبوة ، والكتاب ، والإيمان في عقبه ، وليس كل من في الأرض من بني آدم من ولد نوح ، قال الله في كتابه : (قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) منهم (وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)(٢) ، وقال أيضا : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ)(٣).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٢٣.
(٢) هود : ٤٠.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٢٣ ، والآية من سورة الإسراء : ٣.