فلذلك سميت عرفة وأقام به حتى غربت الشمس ثم أفاض به ، فقال : يا إبراهيم ، ازدلف إلى المشعر الحرام ، فسميت المزدلفة ، وأتى به المشعر الحرام ، فصلى به المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ، ثم بات بها ، حتى إذا صلى بها صلاة الصبح أراه الموقف ، ثم أفاض إلى منى ، فأمره ، فرمى جمرة العقبة ، وعندها ظهر له إبليس (لعنه الله) ثم أمره الله بالذبح.
وإن إبراهيم عليهالسلام حين أفاض من عرفات بات على المشعر الحرام ، وهو فزع ، فرأى في النوم أنه يذبح ابنه إسحاق ، وقد كان إسحاق حج بوالدته سارة ، فلمّا انتهى إلى منى رمى جمرة العقبة هو وأهله ، وأمر أهله فسارت لى البيت ، واحتبس الغلام فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى ، فاستشار ابنه كما حكى الله (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى)؟ فقال الغلام كما ذكر الله عنه : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) ، وسلّما لأمر الله.
وأقبل شيخ ، فقال : يا إبراهيم ، ما تريد من هذا الغلام؟ قال : أريد أن أذبحه. فقال : سبحان الله ، تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين! فقال إبراهيم : إن الله أمرني بذلك. فقال : ربك ينهاك عن ذلك ، وإنما أمرك بذلك الشيطان. فقال له إبراهيم : ويلك ، إن الذي بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به ، والكلام الذي وقع في أذني. فقال : لا والله ما أمرك بهذا إلا الشيطان. فقال إبراهيم : والله لا أكلّمك. ثمّ عزم إبراهيم عليهالسلام على الذبح. فقال : يا إبراهيم ، إنك إمام يقتدى بك ، وإنك إن ذبحت ولدك ، ذبح الناس أولادهم. فلم يكلّمه.
وأقبل على الغلام واستشاره في الذبح ، فلما أسلما جميعا لأمر الله قال الغلام : يا أبتاه ، خمّر وجهي ، وشدّ وثاقي. فقال إبراهيم : يا بني ، الوثاق مع الذبح؟ لا والله لا أجمعهما عليك اليوم. فرمى بقرطان الحمار ، ثم أضجعه