الذي أنزله عليه ، تمنى إبراهيم عليهالسلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل عليهالسلام بيده ، وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح [أعز] ولده بيده ، فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.
فأوحى الله عزوجل إليه : يا إبراهيم ، من أحب خلقي إليك؟ فقال : يا ربّ ، ما خلقت خلقا أحب إلي من حبيبك محمد. فأوحى الله عزوجل إليه : يا إبراهيم ، فهو أحب إليك ، أو نفسك؟ فقال : بل هو أحبّ إلي من نفسي. قال : فولده أحب إليك ، أو ولدك؟ قال : بل ولده. قال : فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك ، أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال : يا رب ، بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي. قال : يا إبراهيم ، إن طائفة تزعم أنها من أمة محمد ، ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما وعدوانا ، كما يذبح الكبش ، فيستوجبون بذلك غضبي. فجزع إبراهيم عليهالسلام لذلك ، وتوجّع قلبه ، وأقبل يبكي ، فأوحى الله عزوجل إليه : يا إبراهيم ، قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين وقتله ، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب. فذلك قول الله عزوجل : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)(١).
أقول : وإحدى البركات التي أنعم الله بها على إبراهيم وإسحاق أن جعل كل أنبياء بني إسرائيل من ذرية إسحاق ، في حين أن نبي الإسلام العظيم هو من ذرية إسماعيل. وإن هذه البركات لا تشمل كل أفراد عائلة إبراهيم وعشيرته ، وإنما تشمل ـ فقط ـ المؤمنين والمحسنين منهم ، إذ تقول الآية في آخرها (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا : ج ١ ، ص ٢٠٩ ، ح ١.