وقال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كل مولود يولد على الفطرة ، يعني المعرفة بأن الله عزوجل خالقه ، كذلك قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(١)].
ثم احتج عليهم بأن ما يعبدونه من دون الله ، لا يملك كشف الضر والسوء عنهم ، فقال : (قُلْ) لهم. (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ) أي : بمرض أو فقر أو بلاء أو شدة (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ) أي : هل يكشفن ضره (أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ) أي : بخير أو صحة (هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) أي : هل يمسكن ويحبسن عني رحمته ، والمعنى : إن من عجز عن النفع والضر ، وكشف السوء والشر ، عمن يتقرب إليه ، كيف يحسن منه عبادته ، وإنما يحسن العبادة لمن يقدر على جميع ذلك ، ولا يلحقه العجز والمنع ، وهو الله تعالى. (قُلْ) يا محمد (حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) وبه يثق الواثقون ، ومن توكل على غيره ، توكل على غير كاف (قُلْ) لهم يا محمد (يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) أي : على قدر جهدكم وطاقتكم في إهلاكي ، وتضعيف أمري (إِنِّي عامِلٌ) قدر جهدي وطاقتي (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) قد مضى مفسرا. وفي هذا غاية الوعيد والتهديد.
النظم : اتصل قوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) بقوله : (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) والمعنى : أنه لا ينبغي أن يخوفوك بها مع اعترافهم بأن الخالق هو الله دون غيره (٢).
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ١٠ ، ح ٤.
(٢) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٤٠١ ـ ٤٠٢.