يعني : إلى الموضع الذي أمره بالعروج إليه ، كقول إبراهيم (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) أي : إلى أرض الشام التي أمرني ربي بالذهاب إليها. وقوله : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) يعني إلى المدينة ، ولم يكن الله سبحانه بالشام ، ولا بالمدينة ، ومعناه : إنه ينزل الملك بالتدبير أو الوحي ، ويصعد إلى السماء ، فيقطع في يوم واحد من أيام الدنيا مسافة ألف سنة مما تعدونه أنتم ، لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام لابن آدم. وقيل : معناه أنه يدبر الأمر سبحانه ، ويقضي أمر كل شيء ، لألف سنة في يوم واحد ، ثم يلقيه إلى ملائكته ، فإذا مضى الألف سنة ، قضى لألف سنة أخرى ، ثم كذلك أبدا. وقيل : معناه يدبر أمر الدنيا ، فينزل القضاء والتدبير من السماء إلى الأرض ، مدة أيام الدنيا ، ثم يرجع الأمر ، ويعود التدبير إليه بعد انقضاء الدنيا وفنائها ، حتى ينقطع أمر الأمراء ، وحكم الحكام ، وينفرد الله بالتدبير في يوم كان مقداره ألف سنة ، وهو يوم القيامة. فالمدة المذكورة مدة يوم القيامة إلى أن يستقر الخلق في الدارين. فأما قوله (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، فإنه أراد سبحانه على الكافر ، جعل الله ذلك اليوم مقدار خمسين ألف سنة ، فإن المقامات في يوم القيامة مختلفة. وقيل : إن المراد بالأول أن مسافة الصعود والنزول إلى السماء الدنيا في يوم واحد للملك ، مقدار مسيرة ألف سنة لغير الملك ، من بني آدم ، وإلى السماء السابعة مقدار مسيرة خمسين ألف سنة. وقيل : إن الألف سنة للنزول والعروج ، والخمسين ألف سنة لمدة القيامة (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٩٩ ـ ١٠٠.