يصح أن يعلم باطل ، فدل على فساد اعتقادهم للشرك من هذه الجهة ثم قال (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ) معاشر الكفار (إِلَى) عبادة (الْعَزِيزِ) يعني القادر الذي لا يقهر ، ولا يمنع لاستحالة ذلك عليه (الْغَفَّارِ) لمن عصاه إذا تاب إليه تفضلا منه على خلقه. وقوله (لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) قال الزجاج : هو رد الكلام كأنه قال لا محالة إن لهم النار.
وقال الخليل : لا جرم لا يكون إلا جوابا تقول : فعل فلان كذا فيقول المجيب : لا جرم إنه عوين والفعل منه جرم يجرم ، وقال المبرد معناه حق واستحق (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ) والمعنى ليس له دعوة ينتفع بها في أمر الدنيا ولا في الآخرة فأطلق ليس له دعوة ، لأنه أبلغ وإن توهم جاهل إن له دعوة ينتفع بها ، فإنه لا يعتد بذلك لفساده وتناقضه. وقال السدي وقتادة والضحاك : معناه ليس لهذه الأصنام استجابة دعاء أحد في الدنيا ولا في الآخرة. وقيل : معناه ليس لها دعوة تجاب بالإلهية في الدنيا ، ولا في الآخرة (وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ) أي وجب أن مردنا إلى الله ، ووجب (أَنَّ الْمُسْرِفِينَ) بارتكاب المعاصي. وقال مجاهد : يعني بقتل النفس من غير حلها. وقال قتادة بالإشراك بالله (هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) يعني الملازمون لها. قال الحسن : هذا كله من قول مؤمن آل فرعون. ثم قال لهم على وجه التخويف والوعظ (فَسَتَذْكُرُونَ) صحة (ما أَقُولُ لَكُمْ) إذا حصلتم في العقاب يوم القيامة. ثم أخبر عن نفسه فقال (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) أي أسلمه إليه (إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) أي عالم بأحوالهم ، وما يفعلونه من طاعة ومعصية. وقال السدي : معنى أفوض أسلم إليه (١).
__________________
(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٨٠ ـ ٨٢.