على الأنبياء قال : معناه اطلب المغفرة من الله على صغيرة وقعت منك ، ولعظيم نعمته على الأنبياء كلفهم التوبة من الصغائر. ومن لا يجوز ذلك عليهم ، وهو الصحيح ، قال : هذا تعبد من الله سبحانه لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالدعاء والاستغفار لكي يزيد في الدرجات ، وليصير سنة لمن بعده (١). (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي : نزه الله تعالى ، واعترف بشكره ، وإضافة النعم إليه ، ونفي التشبيه عنه. وقيل : نزه صفاته عن صفات المحدثين ، ونزه أفعاله عن أفعال الظالمين. وقيل : معناه صل بأمر ربك (بِالْعَشِيِ) من زوال الشمس إلى الليل (وَالْإِبْكارِ) من طلوع الفجر الثاني ، إلى طلوع الشمس ، وقيل : يريد الصلوات الخمس ، وروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «قال الله ، جل جلاله : يا ابن آدم! اذكرني بعد الغداة ساعة ، وبعد العصر ساعة ، أكفك ما أهمك».
ثم قال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ) أي : يخاصمون (فِي آياتِ اللهِ) أي : في دفع آيات الله ، وإبطالها (بِغَيْرِ سُلْطانٍ) أي : حجة (أَتاهُمْ) الله إياها يتسلط بها على إنكار مذهب يخالف مذهبهم (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) أي : ليس في صدورهم إلا عظمة وتكبر على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وجبرية (ما هُمْ بِبالِغِيهِ) أي : ما هم ببالغي مقتضى تلك العظمة ، لأن الله تعالى مذلهم. وقيل : معناه كبر بحسدك على النبوة التي أكرمك الله بها ما هم ببالغيه ، لأن الله تعالى يرفع بشرف النبوة من يشاء. وقيل : ما هم ببالغي وقت خروج الدجال. (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من شر اليهود ، والدجال ، ومن جميع ما يجب الاستعاذة منه (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لأقوال هؤلاء (الْبَصِيرُ) بضمائرهم. وفي هذا تهديد لهم فيما أقدموا عليه. ثم قال سبحانه : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مع عظمهما ، وكثرة أجزائهما ، ووقوفهما بغير عمد ، وجريان
__________________
(١) أن القرآن نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة ، كما ورد في روايات كثيرة.