أنت خير أم علي بن أبي طالب ، دامغ الجبابرة ، قاصم أصلاب أكبرهم؟ فلم تضلّ آبائنا وتشتم آلهتنا ، فإن كنت تريد الرئاسة عقدنا لك ألويتها ، وكن رئيسا لنا ما بقيت وإن كان بك الباه زوجناك عشرة نسوة من أكبرنا. وإن كنت تريد المال جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك أنت وعقبك من بعدك ، فما تقول؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : بسم الله الرحمن الرحيم (حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) إلى آخر الآية ، فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ، فأمسك عتبة على فيه ، ورجع فناشده بالله اسكت ، فسكت ، وقام ومضى ، فقام من كان حاضرا خلفه فلم يلحقوه ، فدخل ولم يخرج أبدا ، فغدوه قريش ، فقال أبو جهل : قوموا بنا إليه. فدخلوا وجلسوا. فقال أبو جهل : يا عتبة ، محمد سحرك. فقام قائما على قدميه ، وقال : يا لكع الرجال ، والله لو لم تكن ببيتي لقتلتك شر قتلة ، يا ويلك. قلت : محمد ساحر كاهن شاعر ، سرنا إليه ، سمعناه تكلم بكلام من رب السماء ، فحلفته وأمسك ، وقد سميتموه الصادق الأمين ، هل رأيتم منه كذبة؟ ولكني لو تركته يتمم ما قرأ لحل بكم العذاب والذهاب» (١).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام لداود الرقي : «أيكم ينال السماء؟ فو الله إن أرواحنا وأرواح النبيين لتنال العرش كل ليلة جمعة. يا داود ، قرأ أبي محمد بن علي عليهالسلام حم السجدة حتى بلغ (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) ثم قال : نزل جبرئيل عليهالسلام على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن الإمام بعده علي عليهالسلام ، ثم قرأ عليهالسلام : (حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) حتى بلغ (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) عن ولاية علي (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ)(٢).
__________________
(١) البرهان : ج ٨ ، ص ٤٥٤.
(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٣٣ ، ح ١.