عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)(١) أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال : يا علي ، اطبخ ولو كراع شاة ، ولو صاعا من طعام وقعبا من لبن ، واعمد إلى قريش. قال : فدعوتهم واجتمعوا أربعين بطلا بزيادة ، وكان فيهم أبو طالب وحمزة والعباس ، فحضرت ما أمرني به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم معمولا ، فوضعته بين أيديهم ، فضحكوا باستهزاء ، فأدخل إصبعه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأربعة جوانب الجفنة ، فقال : كلوا وقولوا : بسم الله الرحمن الرحيم. فقال أبو جهل : يا محمد ، ما نأكل ، وأحدنا يأكل الشاة مع أربعة أصوع من الطعام! فقال : كل وأرني أكلك. فأكلوا حتى تملؤوا ، وأيم الله ما يرى أثر أكل أحدهم ، ولا نقص الزاد ، فصاح بهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كلوا. فقالوا : ومن يقدر على أكثر من هذا؟ فقال : إرفعه يا علي. فرفعته ، فدنا منهم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال : يا قوم اعلموا أن الله ربي وربكم. فصاح أبو لهب ، وقال : قوموا إن محمدا سحركم. فقاموا ومضوا فاستعقبهم علي بن أبي طالب ، وأراد أن يبطش بهم ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يا علي ، ادن مني ، فتركهم ودنا منه ، فقال له : أمرنا بالإنذار لا بذات الفقار ، لأن له وقتا ، ولكن اعمل لنا من الطعام مثل ما عملت ، وادع لي من دعيت ، فلما أتى غد ، فعلت ما بالأمس فعلت.
فلما اجتمعوا وأكلوا كما أكلوا. قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل ما جئتم به من أمر الدنيا والآخرة. قيل : فقال أبو جهل : قد شغلنا أمر محمد ، فلو قابلتموه برجل مثله يعرف السحر والكهانة ، لكنا استرحنا. فقطع كلامه عتبة بن ربيعة ، وقال : والله إني لبصير بما ذكرته. فقال : لم لا تباحثه؟ قال : حاشا أن كان به ما ذكرت ، فقال له : يا محمد ، أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد الله؟
__________________
(١) الشعراء : ٢١٤.