٢ ـ قال أبو عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) ـ إلى قوله تعالى ـ (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ).
«كان سبب نزول ذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما تزوج بخديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ في تجارة لها ، فرأى زيد يباع ، ورآه غلاما كيسا حصيفا (١) ، فاشتراه ، فلما نبئ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دعاه إلى الإسلام فأسلم ، وكان يدعى زيد مولى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فلما بلغ حارثة بن شراحيل الكلبي خبر ولده زيد قدم مكة ، وكان رجلا جليلا ، فأتى أبا طالب ، فقال : يا أبا طالب ، إن ابني وقع عليه السّبي ، وبلغني أنه صار إلى ابن أخيك ، فاسأله ، إما أن يبيعه ، وإما أن يفاديه ، وإما أن يعتقه. فكلم أبو طالب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هو حرّ ، فليذهب حيث شاء. فقام حارثة فأخذ بيد زيد ، فقال له : يا بنيّ ، الحق بشرفك وحسبك. فقال زيد : لست أفارق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبدا. فقال له أبوه : فتدع حسبك ونسبك ، وتكون عبدا لقريش؟ فقال زيد : لست أفارق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما دمت حيا. فغضب أبوه ، فقال : يا معشر قريش ، اشهدوا أني قد برئت من زيد ، وليس هو ابني.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اشهدوا أن زيدا ابني ، أرثه ويرثني. وكان زيد يدعى ابن محمد ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحبه ، وسماه : زيد الحبّ.
فلما هاجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة زوّجه زينب بنت جحش ، فأبطأ عنه يوما ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منزله يسأل عنه ، فإذا زينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيبا بفهر (٢) لها ، فنظر إليها ، وكانت جميلة حسنة ، فقال :
__________________
(١) الحصيف : الجيد الرأي المحكم العقل. «لسان العرب ـ حصف ـ ج ٩ ، ص ٤٨».
(٢) الفهر : الحجر قدر ما يدق به الجوز ونحوه. «لسان العرب ـ فهر ـ ج ٥ ، ص ٦٦».