سبحان الله خالق النور ، وتبارك الله أحسن الخالقين! ثم رجع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى منزله ، ووقعت زينب في قلبه موقعا عجيبا ، وجاء زيد إلى منزله ، فأخبرته زينب بما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال لها زيد : هل لك أن أطلّقك حتى يتزوجك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فلعلّك قد وقعت في قلبه. فقالت : أخشى أن تطلّقني ولا يتزوجني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فجاء زيد إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : بأبي أنت وأمي ـ يا رسول الله ـ أخبرتني زينب بكذا وكذا ، فهل لك أن أطلقها حتى تتزوجها؟ فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اذهب ، واتق الله ، وأمسك عليك زوجك ، ثم حكى الله ، فقال : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً)(١) فزوّجه الله من فوق عرشه ، فقال المنافقون : يحرم علينا نساء أبناءنا ويتزوج امرأة ابنه زيد! فأنزل الله في هذا : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) إلى قوله : (يَهْدِي السَّبِيلَ). ثم قال : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) إلى قوله : (وَمَوالِيكُمْ).
فاعلم أن زيدا ليس ابن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنما ادّعاه للسبب الذي ذكرناه ، وفي هذا أيضا ما نكتبه في غير هذا الموضع ، في قوله : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)(٢).
ثم نزل : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ)(٣) أي من بعد ما حلل عليه في سورة النساء. وقوله : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ)(٤) معطوف على قصة امرأة
__________________
(١) الأحزاب : ٣٧.
(٢) الأحزاب : ٤٠.
(٣) الأحزاب : ٥٢.
(٤) نفس المصدر.