قريظة. فأمسك الدم ، وتورّمت يده ، وضرب له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المسجد خيمة ، وكان يتعاهده بنفسه ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) يعني بني قريظة حين غدروا ، وخافهم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) إلى قوله : (إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) ، وهم الذين قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : تأذن لنا أن نرجع إلى منازلنا ، فإنها في أطراف المدينة ، ونخاف اليهود عليها ، فأنزل الله فيهم : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً)(١).
وقال الطبرسيّ : في معنى قوله : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ) بل هي رفيعة السّمك (٢) ، حصينة. عن الصادق عليهالسلام. (إِنْ يُرِيدُونَ) أي ما يريدون (إِلَّا فِراراً)(٣).
وفي رواية علي بن إبراهيم : نزلت هذه الآية في الثاني لما قال لعبد الرحمن بن عوف : هلمّ ندفع محمدا إلى قريش ونلحق نحن بقومنا : (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً)(٤).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٧٦ ، ونحوه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٩ ، ص ٦٢ ، والفصول المهمة : ص ٦٠ ، ومناقب الخوارزمي : ص ١٠٤.
(٢) سمك البيت : سقفه. «الصحاح ـ سمك ـ ج ٤ ، ص ١٥٩٢».
(٣) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٥٤٥.
(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٨٨.