وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «لما بلغ أمير المؤمنين عليهالسلام أمر معاوية وأنه في مائة ألف ، قال : من أي القوم؟ قالوا : من أهل الشام. قال عليهالسلام : لا تقولوا من أهل الشام ، ولكن قولوا من أهل الشؤم ، هم من أبناء مضر لعنوا على لسان داود ، فجعل الله منهم القردة والخنازير.
ثم كتب عليهالسلام إلى معاوية : لا تقتل الناس بيني وبينك ، ولكن هلمّ إلى المبارزة ، فإن أنا قتلتك فإلى النار أنت ، وتستريح الناس منك ومن ضلالتك ، وإن قتلتني فأنا إلى الجنة ، ويغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتى أرد مكرك وخديعتك وبدعتك ، وأنا الذي ذكر الله اسمي في التوراة والإنجيل بمؤازرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنا أول من بايع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تحت الشجرة ، في قوله تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)(١).
فلما قرأ معاوية كتابه وعنده جلساؤه ، قالوا : والله لقد أنصفك. فقال معاوية : والله ما أنصفني ، والله لأرمينّه بمائة ألف سيف من أهل الشام من قبل أن يصل إليّ ، والله ما أنا من رجاله ، ولقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : والله يا عليّ ، لو بارزك أهل المشرق والمغرب لتقتلهم أجمعين. فقال له رجل من القوم : فما يحملك يا معاوية ، على قتال من تعلم وتخبر فيه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما تخبر! وما أنت ونحن في قتاله إلا على ضلالة. فقال معاوية : إنما هذا بلاغ من الله ورسالاته ، والله ما أستطيع أنا وأصحابي رد ذلك ، حتى يكون ما هو كائن.
قال : وبلغ ذلك ملك الروم ، وأخبر أن رجلين قد خرجا يطلبان الملك ، فسأل : من أين خرجا؟ فقيل له : رجل بالكوفة ورجل بالشام. قال : فلمن الملك الآن؟ قال : فأمر وزراءه ، وقال : تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي؟ فأتي برجلين من تجار الشام ، ورجلين من تجار مكة ، فسألهم عن صفتهما ، فوصفوهما له ، ثم قال لخزان بيوت خزائنه : أخرجوا
__________________
(١) الفتح : ١٨.