فيناديه تبارك وتعالى : يا حجتي في الأرض ، وكلامي الصادق الناطق ، ارفع رأسك ، وسل تعط ، واشفع تشفع. فيرفع رأسه فيقول الله تبارك وتعالى : كيف رأيت عبادي؟ فيقول : يا رب منهم من صانني ، وحافظ عليّ ، ولم يضيع شيئا ، ومنهم من ضيّعني واستخفّ بحقي ، وكذّب بي ، وأنا حجتك على جميع خلقك. فيقول الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني ، لأثيبنّ عليك اليوم أحسن الثواب ، ولأعاقبنّ عليك اليوم أليم العقاب.
قال : «فيرفع القرآن رأسه في صورة أخرى. قال : فقلت : يا أبا جعفر ، في أيّ صورة يرجع؟ قال : «في صورة رجل شاحب متغير ، يبصره أهل الجمع ، فيأتي الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ، ويجادل به أهل الخلاف ، فيقوم بين يديه ، فيقول : ما تعرفني؟ فينظر إليه الرجل ، فيقول : ما أعرفك يا عبد الله. قال : فيرجع في الصورة التي كان في الخلق الأول : فيقول : ما تعرفني؟ فيقول : نعم ، فيقول القرآن : أنا الذي أسهرت ليلك وأنصبت عيشك وسمعت الأذى ، ورجمت بالقول في ، ألا وإن كل تاجر قد استوفى تجارته ، وأنا وراءك اليوم.
قال : «فينطلق به إلى رب العزة تبارك وتعالى ، فيقول : يا رب عبدك وأنت أعلم به ، قد كان نصبا بي ، مواظبا علي ، يعادي بسببي ، ويحب بي ويبغض. فيقول الله عزوجل : ادخلوا عبدي جنتي ، واكسوه حلة من حلل الجنة ، وتوجوه بتاج الكرامة. فإذا فعل به ذلك عرض على القرآن ، فيقال له : هل رضيت بما صنع بوليّك؟ فيقول : يا رب ، إني أستقل هذا له ، فزده مزيد الخير كله ، فيقول : وعزتي وجلالي وعلوّي وارتفاع مكاني ، لأنحلن له اليوم خمسة أشياء ، مع المزيد له ولمن كان بمنزلته : ألا إنهم شباب لا يهرمون ، وأصحاء لا يسقمون ، وأغنياء لا يفتقرون ، وفرحون لا يحزنون ، وأحياء لا يموتون ؛ ثم تلا هذه الآية : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى).