الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) أي حتى يتميز المجاهدون في سبيل الله من جملتكم ، والصابرون على الجهاد. وقيل : معناه حتى يعلم أولياؤنا المجاهدين منكم. وأضافه إلى نفسه تعظيما لهم وتشريفا كما قال : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي يؤذون أولياء الله. وقيل : معناه حتى نعلم جهادكم موجودا ، لأن الغرض أن تفعلوا الجهاد ، فيثيبكم على ذلك. (وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) أي نختبر أسراراكم بما تستقبلونه من أفعالكم (١).
وقال الإمام الباقر عليهالسلام : «الإبقاء على العمل أشد من العمل ، قال ـ أي الراوي ـ : وما الإبقاء على العمل؟ قال : «يصل الرجل بصلة ، وينفق نقة لله وحده لا شريك له ، فكتب له سرا ، ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانية ، ثم يذكرها فتمحى تكتب له رياء (٢)!
وقال الطوسي : ثم أخبر تعالى فقال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسوله (وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بالمنع والإغراء والدعاء إلى غيره (ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) أي في حال كفرهم (فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) معاصيهم بل يعاقبهم عليها (٣).
* س ١٧ : ما هو معنى قوله تعالى :
(فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (٣٥) إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (٣٧) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ)(٣٨) [سورة محمد : ٣٥ ـ ٣٨]؟!
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٧٧ ـ ١٧٨.
(٢) الكافي : ج ٢ ، ح ١٦ باب الرياء.
(٣) التبيان : ج ٩ ، ص ٣٠٨.