ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)(١) مفسّرا ومبينا.
ثم قال أبو الحسن عليهالسلام : «حدثني أبي ، عن جدي ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهالسلام قال : اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن لك مؤونة في نفقتك ومن يأتيك من الوفود ، وهذه أموالنا مع دمائنا ، فاحكم فيها مأجورا ، أعط منها ما شئت [وأمسك ما شئت] من غير حرج ، فأنزل الله عزوجل عليه الروح الأمين ، فقال : يا محمد (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يعني [أن] تودّوا قرابتي من بعدي ، فخرجوا.
فقال المنافقون : ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته [من بعده] ، إن هو إلا شيء افتراه في مجلسه. فكان ذلك من قولهم عظيما ، فأنزل الله عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٢) ، فبعث إليهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : هل من حدث؟ فقالوا : إي والله يا رسول الله ، لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه. فتلا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [الآية] ، فبكوا واشتد بكاؤهم ، فأنزل الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ)(٣).
٤ ـ قال جعفر بن محمد : «لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ، قام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : أيها الناس ، إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا ، فهل أنتم مؤدّوه؟
__________________
(١) الشورى : ٢٢ ، ٢٣.
(٢) الأحقاف : ٨.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ١ ، ص ٢٣٣ ، ح ١.