قال : فلم يجبه أحد منهم ، فانصرف. فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك ، ثم قال فيهم ، وقال [مثل] ذلك في اليوم الثالث ، فلم يتكلّم أحد ، فقال : أيها الناس ، إنه ليس من ذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب. قالوا : فألقه إذن. قال : إن الله تبارك وتعالى أنزل عليّ (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : أمّا هذه فنعم فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «فو الله ما وفى بها إلا سبعة نفر : سلمان ، وأبو ذر ، وعمار ، والمقداد بن الأسود الكندي ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، ومولى لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقال له الثبت ، وزيد بن أرقم (١).
وقال أبو جعفر عليهالسلام ، في قول الله عزوجل ؛ (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) : «من تولى الأوصياء من آل محمد ، واتّبع آثارهم ، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيّين والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم عليهالسلام ، وهو قول الله عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها)(٢) يدخله الجنة ، وهو قول الله عزوجل : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ)(٣) يقول : أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم ، تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة.
وقال لأعداء الله ، أولياء الشيطان ، أهل التكذيب والإنكار : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)(٤) يقول : متكلّفا أن أسألكم ما لستم بأهله. فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض : أما يكفي محمدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا؟ [فقالوا : ما أنزل الله هذا ، وما هو إلا شيء يتقوّله ، يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا] ، ولئن
__________________
(١) قرب الإسناد ، والاختصاص : ص ٦٣ (والمولى اسمه : شبيب).
(٢) النمل : ٨٩.
(٣) سبأ : ٤٧.
(٤) سورة ص : ٨٦.