نفسه؟ فقال أبو إبراهيم عليهالسلام : «إن هذه لغة قريش ، إذا أراد الرجل منهم أن يقول : قد سمعت ، يقول : قد تدلّيت ؛ وإنما التدلّي : الفهم (١).
وفي (الاحتجاج) أيضا : عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، في قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) : «يعني محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم حين كان عند سدرة المنتهى ، حيث لا يتجاوزها خلق من خلق الله عزوجل ، وقوله في آخر الآية : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) ، رأى جبرئيل عليهالسلام في صورته مرتين : هذه المرة ، ومرة أخرى ، وذلك أن خلق جبرئيل [خلق] عظيم ، فهو من الروحانيين ، الذين لا يدرك خلقهم ولا صفتهم إلا الله رب العالمين (٢).
وقال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) قال : لما رفع الحجاب بينه وبين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، غشي نوره السدرة ، وقوله تعالى : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) ، أي لم ينكر (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) ، أي رأى جبرئيل على ساقه الدّر مثل القطر على البقل ، له ستمائة جناح ، قد ملأ ما بين السماء والأرض.
وقوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) قال : اللات رجل ، والعزى امرأة ، وقوله تعالى : (وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) قال : صنم بالمشلل خارج من الحرم على ستة أميال يسمى المناة.
قوله تعالى : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) قال : هو ما قالت قريش : إن الملائكة هم بنات الله ، فرد عليهم ، فقال : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) أي ناقصة ، ثم قال : (إِنْ هِيَ) يعني اللات والعزى ومناة
__________________
(١) الاحتجاج : ص ٣٨٦.
(٢) الاحتجاج : ص ٢٤٣.