كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) (٣٥) [سورة الشورى : ٣١ ـ ٣٥]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) خطاب من الله تعالى للكفار بأنكم لستم تفوتون الله بالهرب منه في الأرض ولا في السماء ، فإنه يقدر عليكم في جميع الأماكن ولا يمكن النجاة من عذابه إلا بطاعته ، فواجب عليكم طاعته ، ففي ذلك استدعاء إلى عبادة الله وترغيب في كل ما أمر به وتحذير عما نهى عنه. ووجه الحجة بذلك على العبد أنه إذا كان لا يعجز الله ، ولا يجد دافعا عن عقابه خف عليه عمل كل شيء في جنب ما توعد به. وقوله (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي ليس لكم من يدفع عنكم عقاب الله إذا أراد فعله بكم ولا ينصركم عليه ، فيجب أن ترجعوا إلى طاعة من هذه صفته. وقوله (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) معناه من آياته الدالة على أنه تعالى مختص بصفات لا يشركه فيها أحد ، السفن الجارية في البحر مثل الجبال ، لأنه تعالى يسيرها بالريح لا يقدر على تسييرها غيره ، ووجه الدلالة في السفن الجارية هو أن الله خلق الماء العظيم وعدل الريح بما يمكن أن يجري فيه على حسب المراد لأنه إذا هبت الريح في جهة وسارت بها السفينة فيها ، فلو اجتمعت الخلائق على صرفها إلى جهة أخرى لما قدروا ، وكذلك لو سكنت الريح لوقفت. وما قدر أحد على تحريكها ، ولا إجرائها غيره تعالى. ثم بين ذلك بأن قال (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ) وتقديره إن يشأ يسكن الريح أسكنها أو إن يشأ أن يسكنها سكنت ، وليس المعنى إن وقعت منه مشيئة أسكن لا محالة ، لأنه قد وقعت منه مشيئة لأشياء كثيرة ولم تسكن الريح. والجواري السفن ـ في قول مجاهد والسدي ـ والأعلام الجبال ـ في قولهما ـ وقوله (فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ) قال ابن عباس : معناه تظل السفن واقفة على ظهر الماء ... وقوله (إِنَّ فِي ذلِكَ) يعني في تسخير البحر