فيهم. وقيل : فارتقبهم أي انتظر ما يصنعون. (وَاصْطَبِرْ) على ما يصيبك من الأذى حتى يأتي أمر الله فيهم. (وَنَبِّئْهُمْ) أي أخبرهم (أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) يوم للناقة ، ويوم لهم (كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) أي كل نصيب من الماء يحضره أهله ، لا يحضر آخر معه ، ففي يوم الناقة تحضره الناقة ، وفي يومهم يحضرونه هم. وحضر واحتضر بمعنى واحد. وإنما قال (قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) تغليبا لمن يعقل. والمعنى : يوم لهم ويوم لها. وقيل : إنهم كانوا يحضرون الماء إذا غابت الناقة ، ويشربونه .. إذا حضرت حضروا اللبن ، وتركوا الماء لها. (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ) أي دبروا في أمر الناقة بالقتل ، فدعوا واحدا من أشرارهم ، وهو قدار بن سالف ، عاقر الناقة (فَتَعاطى فَعَقَرَ) أي تناول الناقة بالعقر فعقرها. وقيل : إنه كمن لها في أصل صخرة ، فرماها بسهم ، فانتظم (١) به عضلة ساقها. ثم شد عليها بالسيف ، فكشف عرقوبها. وكان يقال له أحمر ثمود ، وأحيمر ثمود ، قال الزجاج : والعرب تغلط فتجعله أحمر عاد ، فتضرب به المثل في الشؤم. قال زهير : وتنتج لكم غلمان أشأم ، كلهم ، كأحمر عاد ، ثم ترضع فتفطم (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) أي : فانظر كيف أهلكتهم ، وكيف كان عذابي لهم ، وإنذاري إياهم. (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً) يريد صيحة جبرائيل عليهالسلام. وقيل : الصيحة العذاب (فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) أي فصاروا كهشيم ، وهو حطام الشجر المنقطع بالكسر والرض الذي يجمعه صاحب الحظيرة الذي يتخذ لغنمه حظيرة تمنعها من برد الريح. والمعنى. إنهم بادوا وهلكوا ، فصاروا كيبس الشجر المفتت إذ انحطم. وقيل : معناه صاروا كالتراب الذي يتناثر من الحائط ، فتصيبه الرياح ، فيتحظى مستديرا (٢).
__________________
(١) انتظم الصيد : طعنه ، أو رماه حتى ينفذه.
(٢) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٣١٨ ـ ٣٢٠.