ما ، والانصراف الكلّي له ، وهذا من شأن المخلوقات بحكم محدوديتها.
إلا أنه استعمل هنا لله سبحانه ، تأكيدا على مسألة حساب الله تعالى لعباده بصورة لا يغادر فيها صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها ، ولا يغفل عن مثقال ذرّة من أعمال الإنسان خيرا أو شرّا ، والأظرف من ذلك أنّ الله الكبير المتعال هو الذي يحاسب بنفسه عبده الصغير ، وعلينا أن نتصوركم هي مرعبة ومخيفة تلك المحاسبة.
(الثَّقَلانِ) من مادة «ثقل على وزن «كبر بمعنى الحمل الثقيل وجاءت بمعنى الوزن أيضا ، إلا أن «ثقل على وزن (خبر) تقال عادة لمتاع وحمل المسافرين ، وتطلق على جماعة الإنس والجنّ وذلك لثقلهم المعنوي ، لأنّ الله تبارك وتعالى قد أعطاهم عقلا وشعورا وعلما ووعيا له وزن وقيمة بالرغم من أن الثقل الجسدي لهم ملحوظ أيضا كما قال تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) ، حيث ورد أنّ أحد معانيها هو خروج الناس من القبور في يوم القيامة ، إلا أن التعبير في الآية مورد البحث جاء باللحاظ المعنوي ، خاصة وأن الجنّ ليس لهم ثقل مادّي.
التأكيد على هاتين الطائفتين بالخصوص لأنّ التكاليف الإلهية مختصّة بهما في الغالب.
وبعد هذا يكرر الله سبحانه سؤاله مرة أخرى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
وقال علي بن إبراهيم ، قوله تعالى : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) ، قال عليهالسلام : «نحن وكتاب الله ، والدليل على ذلك قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي (١).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٤٥.