يتكلمن به لم يسمع الخلائق بمثله وأعذب منه.
قلت : ما هو؟ قال : «يقلن بأصوات رخيمة : نحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الناعمات فلا نيأس ، ونحن المقيمات فلا نظعن ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن خلق لنا ، وطوبى لمن خلقنا له ، ونحن اللواتي لو أن شعر إحدانا علق في جو السماء لأغشى نوره الأبصار (١).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «لو أن حوراء من الحور العين أشرفت على أهل الدنيا ، وأبدت ذؤابة من ذوائبها ، لأفتن أهل الدنيا ـ أو لأماتت أهل الدنيا ـ وإن المصلي ليصلي فإذا لم يسأل ربه أن يزوجه من الحور العين قلن : ما أزهد هذا فينا! (٢).
قال الطبرسي في (الاحتجاج) : عن الصادق عليهالسلام ـ في جوابه لسؤال زنديق ـ قال له : فمن أين قالوا : إن أهل الجنة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها ، فإذا أكلها عادت كهيئتها؟ قال عليهالسلام : «نعم ، ذلك على قياس السراج ، يأتي القابس فيقتبس منه ، فلا ينقص من ضوئه شيء وقد امتلأت الدنيا منه سراجا.
قال : أليس يأكلون ويشربون ، وتزعم أنه لا تكون لهم الحاجة؟ قال عليهالسلام : «بلى ، لأن غذائهم رقيق لا ثفل (٣) له ، بل يخرج من أجسادهم بالعرق.
قال : فكيف تكون الحوراء في كل ما أتاها زوجها عذراء؟ قال عليهالسلام : «لأنها خلقت من الطيب ، لا تعتريها عاهة ، ولا تخالط جسمها آفة ، ولا
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٨٢.
(٢) الزهد : ص ١٠٢ ، ح ٢٨٠.
(٣) الثفل : ما سفل من كل شيء. «لسان العرب : ص ١١ ، ح ٨٤.