وقال الطبرسي : لا يجوز للجنب والحائض والمحدث مسّ المصحف ، عن محمد بن علي الباقر عليهالسلام في معنى الآية (١).
٢ ـ أقول : قوله : (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، إن الله المالك والبارىء لجميع الخلق ، قد نزّل هذا القرآن لهداية البشر ، وقد أنزله سبحانه على قلبي النبي الطاهر ، وكما أن العالم التكويني صادر منه وهو تعالى رب العالمين فكذلك الحال في المجال التشريعي ، فكل نعمة وهداية فمن ناحيته ومن عطائه.
ثم يضيف سبحانه : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) هل أنتم بهذا القرآن وبتلك الأوصاف المتقدّمة تتساهلون ، بل تنكرونه وتستصغرونه في حين تشاهدون الأدلّة الصادقة والحقّة بوضوح ، وينبغي لكم التسليم والقبول بكلام الله سبحانه بكل جديّة ، والتعامل مع هذا الأمر كحقيقة لا مجال للشكّ فيها.
عبارة «هذا الحديث في الآية الكريمة إشارة للقرآن الكريم ، و «مدهنون في الأصل من مادّة دهن بالمعنى المتعارف عليه ، ولأنّ الدهن يستعمل للبشرة وأمور أخرى ، فإن كلمة «أدهان جاءت بمعنى المداراة والمرونة ، وفي بعض الأحيان بمعنى الضعف وعدم التعامل بجدية ... ولأنّ المنافقين والكاذبين غالبا ما يتّصفون بالمداراة والمصانعة ، لذا استعمل هذا المصطلح أحيانا بمعنى التكذيب والإنكار ، ويحتمل أن يكون المعنيان مقصودان في الآية.
والأصل في الإنسان أن يتعامل بجدية مع الشيء الذي يؤمن به ، وإذا لم يتعامل معه بجدية فهذا دليل على ضعف إيمانه به أو عدم تصديقه.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٣٤١.