«عشرة أشياء ، فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع ، وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين ، وأعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا ، [ألا] وإن الزهد كله في آية من كتاب الله عزوجل : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ)(١).
وقال حفص بن غياث : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك ، فما حد الزهد في الدنيا؟ قال : فقال : «قد حد الله في كتابه ، فقال عزوجل : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله ، وأخوفهم له أعلمهم به ، وأعلمهم به أزهدهم فيها.
فقال له رجل : يا ابن رسول الله ، أوصني. فقال : «اتق الله حيث كنت ، فإنك لا تستوحش عنه (٢).
وقال أبو جعفر الثاني عليهالسلام ، في قوله تعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ) ، قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : سأل رجل أبي عليهالسلام عن ذلك ، فقال : نزلت في أبي بكر وأصحابه ، واحدة مقدمة وواحدة مؤخرة (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ) من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال الرجل : أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه ، ثم قام الرجل فذهب فلم أره (٣).
أقول : قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ : مُخْتالٍ) أخذت من مادة (خيال) بمعنى متكبر ، لأن التكبر من التخيل أي من تخيل الإنسان الفضل لنفسه ، وتصوره أنه أعلى من الآخرين. و (فَخُورٍ) صيغة مبالغة من مادة (فخر) بمعنى الشخص الذي يفتخر كثيرا على الآخرين.
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ١٠٤ ، ح ٤.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٤٦.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٥١.