[لموسى عليهالسلام] ، فقال : (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) أي يا أيها العالم (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ).
[أقول : إلا أن موسى رغم كل هذه التعبيرات اللاذعة والمحقرة لم يكف عن السعي لهدايتهم مطلقا ، ولم ييأس نتيجة عنادهم وتعصبهم ، بل استمر في طريقه ، ودعا ربه مرات كي تهدأ عواصف البلاد ، وهدأت ، لكنهم كما تقول الآية التالية : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) وإن التعبير ب «نادى يوحي بأن فرعون قد عقد مجلسا عظيما لخبراء البلد ومستشاريه ، وخاطبهم جميعا بصوت عال فقال ما قال أو أنه أمر أن يوزع نداؤه كرسالة في جميع أنحاء البلاد.
والتعبير بالأنهار ، المراد منه نهر النيل ، بسبب أن هذا النهر العظيم كالبحر المترامي الأطراف ، وكان يتشعب إلى فروع كثيرة تروي كل المناطق العامرة في مصر.
قال بعض المفسرين : كان لنهر النيل (٣٦٠) فرعا ، وكان أهمها : نهر الملك ، ونهر طولون ، ونهر دمياط ، ونهر تنيس.
أما لماذا يؤكد فرعون على نهر النيل خاصة؟ فذلك لأن كل عمران مصر وثروتها وقوتها وتطورها كان يستمد طاقته من النيل من هنا فإن فرعون كان يدلّ به ، ويفتخر به على موسى. والتعبير ب (تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) لا يعني أن نهر النيل يمر من تحت قصري ، كما قال ذلك جمع من المفسرين ، لأن نهر النيل كان أعظم من أن يمر من تحت قصر فرعون ، وإن كان المراد أنه كان يمر بمحاذاة قصره ، فإن كثيرا من قصور مصر كانت على هذه الحال ، وكان أغلب العمران على حافتي هذا الشط العظيم ، بل المراد أن هذا النهر تحت أمري ، ونظام تقسيمه على المزارع والمساكن حسب التعليمات التي أريدها].