الوحي ، فتقول : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
«كذلك إشارة إلى محتوى السورة ومضامينها.
ومصدر الوحي واحد ، وهو علم الله وقدرته ، ومحتوى الوحي في الأصول والخطوط العريضة واحد أيضا بالنسبة لجميع الأنبياء والرسالات ، بالرغم من أن هناك خصوصيات بين دعوة نبي وآخر بحسب حاجة الزمان والمسيرة التكاملية للبشر (١).
وضروري أن نشير إلى أنّ الآيات التي أشارت إلى عدة صفات سبقت من صفات الله الكمالية ، لكل منها دور في قضية الوحي بشكل معين ، ومن ضمنها الصفتان اللتان نقرؤهما في هذه الآية : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
فعزته تعالى وقدرته المطلقة تقتضي سيطرته على الوحي ومحتواه العظيم. وحكمته تستوجب أن يكون الوحي الإلهي حكيما متناسقا مع حاجات الإنسان التكاملية في جميع الأمور والشؤون.
وتعبير «الوحي دليل على استمرار الوحي منذ خلق الله آدم عليهالسلام حتى عصر النبي الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم لأن الفعل المضارع يفيد الاستمرار.
قوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ). إن مالكيته تعالى لما في السماء والأرض تستوجب ألّا يكون غريبا عن مخلوقاته وما يؤول إليه مصيرها ، بل يقوم بتدبير أمورها وحاجاتها عن طريق الوحي ، وهذه هي إحدى الصفات.
__________________
(١) بالرغم من الكلام الكثير للمفسرين حول المشار إليه في اسم الإشارة «كذلك لكن يظهر أنّ المشار إليه هو نفس هذه الآيات النازلة على النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لذا يكون مفهوم الآية : إن الوحي هو بهذا الشكل الذي أنزله الله عليك وعلى الأنبياء السابقين ، وقد استخدم اسم الإشارة البعيد بالرغم من قرب المشار إليه ، وذلك للتعظيم والاحترام.