جالسا ، إذ أقبل أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن فيك شبها من عيسى بن مريم ، لو لا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم ، لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يلتمسون بذلك البركة. قال : فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدّة من قريش ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى بن مريم! فأنزل الله على نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) يعني من بني هاشم (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ).
[وفي رواية قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الصّدود في العربية : الضحك](١).
قال : فغضب الحارث بن عمرو الفهري ، فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل ؛ فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم ، فأنزل الله عليه مقالة الحارث ، ونزلت عليه هذه الآية : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(٢) ، ثم قال له : يا بن عمرو ، إما تبت ، وإما رحلت. فقال : يا محمد بل تجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك ، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ليس ذلك إليّ ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى ، فقال : يا محمد ، قلبي ما يتابعني على التوبة ، ولكن أرحل عنك ؛ فدعا براحلته فركبها ، فلما صار بظهر المدينة ، أتته جندلة فرضخت هامته ، ثم أتى الوحي إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ) بولاية علي (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ)(٣).
__________________
(١) معاني الأخبار : ص ٢٢٠ ، ح ١.
(٢) الأنفال : ٣٣.
(٣) المعارج : ١ ـ ٣.