في الأوّل بصحّة حمل معنى واحد على الموضوع ، وقال في الثاني بأنّه لا يكون علامة إلاّ إذا صحّ سلب جميع المعاني الحقيقية عن المستعمل فيه لئلا يرد النقض في المشترك فانّه يصحّ سلب بعض المعاني عن مورد ، كالعين بمعنى الذهب عن الفضة ولا يصحّ سلب جميعها. (١)
الرابع : قد أورد السيّد الأُستاذ على كون صحّة الحمل علامة الوضع ، أو صحّة السلب علامة المجاز ، بأنّ الاستعلام حاصل من التبادر الحاصل من تصوّر الموضوع ، السابق على الحمل وسلبه ، فيكون اسناده إلى الحمل وسلبه في غير محله.
فإن قلت : إنّما يصحّ ما ذكر إذا كان المستعلم من أهل اللسان ، وأمّا إذا كان من غيرهم فلا تبادر ولا وحدة عنده بين الموضوع والمحمول فحينئذ إذا رأى صحّة الحمل عند العرف أو صحّة السلب يجد ضالّته.
قلت : إنّ صحّة الحمل عند أهل اللغة أو عدم صحّته يرجع إلى تنصيص أهل اللغة واللسان وليست بعلامة مستقلة ، لأنّ العلم بصحّة الحمل لا يحصل إلاّ بتصريح الغير. (٢)
يلاحظ عليه : انّا نختار الشق الأوّل وانّ المراد هو صحّة الحمل عند المستعلم لكن إنّما تكون صحّة الحمل مسبوقة بالتبادر إذا كان زمان الاستعلام مقارناً بزمان الحمل وسلبه فيسبقه التبادر ويغني عن غيره.
وأمّا إذا كان زمان الحمل مقدّماً على زمان الاستعلام ، كما إذا صدر الحمل عن الإنسان في مقام إلقاء الخطابة أو المحاضرات العلمية ولم يكن حينذاك بصدد الاستعلام وإنّما تكلم بما تكلم ارتجالاً ، ولما صار بصدد الاستكشاف وقف
__________________
١ ـ قوانين الأُصول : ١ / ٢١.
٢ ـ تهذيب الأُصول : ١ / ٥٨.