وانّ العرب كانت تستعمل تلك الألفاظ في هذه الماهيّات بلا قرينة مقالية أو حالية ، وقد خاطب النبي الأُمّة الإسلامية بلغتهم. وإليك دراسة الأقوال :
أمّا النظرية الأُولى : فهي مردودة ، إذ كيف يمكن أن يدّعى أنّ الصلاة من مصاديق الدعاء التي كشف عنها الشارع ، إذ بين الدعاء والصلاة بون شاسع ، فإذا استعملها النبي في تلك المعاني في حين مغايرتها مع المعنى اللغوي فلابدّ له من مسوّغ ، وهو أحد أمرين : إمّا النقل والوضع فيدخل في القول الثاني ، أو العلاقة بين المعنيين فيدخل في القول الثالث ، فنظرية الباقلاني مردّدة ثبوتاً بين القولين ولا يمكن أن تكون نظرية مستقلة.
واستدلّ للنظرية الثانية بتبادر المعاني الشرعية من هذه الألفاظ في محاورات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو رهن الوضع ، إذ لولا الوضع لم يصح التبادر.
وبالجملة : انّ المثبِت يعتمد على التبادر في لسان النبي ويراه ملازماً للقول بالوضع.
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره صحيح لو لم يصحّ تفسير التبادر عن طريق القول الرابع ، وإلاّ فلو كانت تلك الألفاظ حقائق عرفية في عصر التشريع في لسان العرب لصحّ تفسير التبادر عن ذلك الطريق من دون أن يكون للنبي دور في تحقّق التبادر كما سيوافيك. فهذا القول متين إذا لم يثبت القول الرابع.
واستدل للنظرية الثالثة بأنّ كونها حقائق شرعية في لسانه صلىاللهعليهوآلهوسلم يتوقف على الوضع وهو إمّا تعييني أو تعيّني ، والأوّل بعيد جداً ، وإلاّ لنقل ، والثاني يتوقف على الاستعمال بكثرة ولا يكفي عصر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم واستعمالاته في تحقّق النقل.
يلاحظ عليه بوجهين :
الأوّل : لماذا لا تكفي فترة الرسالة لتحقق الوضع التعيّني مع أنّ بلالاً