يداك ، وما جرت عليك يداك. وإذا أرادوا نفي الفعل عن الفاعل استعملوا فيه هذا الضرب من الكلام فيقولون : فلان لا تمشي قدمه ، ولا ينطق لسانه ، ولا تكتب يده ، وكذلك في الإثبات ، ولا يكون للفعل رجوع إلى الجوارح في الحقيقة ، بل الفائدة فيه النفي عن الفاعل.
٣. قال سبحانه : ( وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيد وَإنّا لَمُوسِعُون ) (١) فاليد وإن كانت ظاهرة في العضو الخاص لكنّها في الآية كناية عن القوة والإحكام بقرينة قوله : ( وانّا لموسعون ) وكأنّه سبحانه يقول : والسماء بنيناها بقدرة لا يوصف قدرها وإنّا لذو سعة في القدرة لا يعجزها شيء ، أو بنيناها بقدرة عظيمة ونوسعها في الخلقة. (٢)
إلى هنا خرجنا بالنتائج التالية :
١. انّ اللازم في الصفات الخبرية ، أعني اليد والرجل والعين والاستواء ، هو تحصيل الظهور التصديقي لا التصوّري ، والظهور الجملي لا الجزئي ، فعندئذ يتعبّد به ولا يعدل عنه. ولا يحتاج إلى حمل الظاهر على خلافه.
٢. انّ اليد في الآيات الثلاث ، إمّا كناية عن قيام الفاعل بالفعل مباشرة لا باستعانة من الغير كما في الآيتين الأُوليين ، أو كناية عن القدرة الخارقة.
٣. حمل الآية على خلاف ظهورها البدوي أمر لا مانع منه ، لأنّ الظهور البدوي ليس بحجّة ومخالفته لا تعد خلافاً للحجة.
هذا كلّه حول تأويل المتشابه ، وأمّا الثاني أي تأويل القرآن فهو في مقابل التنزيل ، فللقرآن تنزيل وتأويل ، فالمراد من التنزيل ما انطبقت الآية عليه وقت
__________________
١ ـ الذاريات : ٤٧.
٢ ـ الكشاف : ٣ / ٢١.