الماء ، ونقول : كان هذا نجساً والأصل بقاء نجاسته ، ومن الواضح أنّ الوحدة محفوظة في كلتا الحالتين وليس هاهنا ماءان ، بل هو ماء واحد في الحوض زال شيء من أوصافه ، فالوحدة محفوظة ومرجع الشكّ إلى أنّ التغيّر في الدليل هل هو حيثية تقييدية فتدور النجاسة مدار وجودها ، أو حيثية تعليلية فيكفي وجود التغيّر آناً ما؟
والحاصل : أنّ عالم المفاهيم مثار الكثرة ، فالموضوع في لسان الدليل هو مفهوم الماء المتغيّر ـ وإن كان يشار به إلى الخارج ـ لكنه في عالم العقل غير الماء الذي زال تغيّـره ، وأمّا بعد الانطباق وصيرورة الهوية الخارجية موضوعاً للنجاسة ، فجواز الاستصحاب وعدمه يدور مدار حفظ الهوية الخارجية ، وقد عرفت أنّ الماء في كلتا الحالتين ماء واحد وموضوع فارد وإنّما تغيّر بعض أوصافه ، فعندئذ يحكم ببقاء نجاسة هذا الماء.
وبذلك تعلم صحّة استصحاب الحكم ، المترتب على العنب المغلي وإسرائه إلى الزبيب وذلك بالبيان السابق ، فانّ العنب والزبيب وإن كانا موضوعين وهما كثيران متعددان ، متغايران في عالم المفهوم ولا يصحّ إسراء حكم العنب إلى الزبيب لأنّه أشبه بالقياس ، لكن إذا انطبق الحكم الكلّي على العنب الخارجي المغلي فيصير الموضوع بعد ذلك العنب الخارجي لا عنوان العنب ، وعندئذ يشار إليه بأنّه كان إذا غلى ينجس ، وهكذا إذا صار زبيباً لوحدة الهوية الخارجية وإنّما طرأ التغيّر على حالات الموضوع من حيث اشتماله على الرطوبة وجفافها.
هذا كلّه حول استصحاب الحكم الكلّي على وجه الإطلاق.
وأمّا الثاني : أي استصحاب الحكم الكلي فيما إذا كانت الشبهة موضوعية.
بيانه : أنّه إذا كان الشكّ في البقاء ناشئاً عن إجمال الموضوع كالمغرب لتردده