المصاديق أمر غير تام ، بل العرف مرجع في كلا الموردين ، ولذلك لا يعدّ لون الدم دماً واجب الاجتناب ، وذلك لأنّ لون الدم غير الدم عرفاً وإن كان حسب التحليل الطبي أو العقلي مرتبة من اللون.
والحقّ أن يقال : انّ العقيدة لا تمسّ اللغة ولا تغيّـرها ، فنحن نجري صفاته تعالى عليه بما له من المعنى من دون أي نقل وتجوّز ، وظاهره زيادة العنوان على المعنون ، أو تلبّس الذات بشيء ورائها ، أو قيامه بها ، لكن دلّ البرهان على أنّ هذا الظهور غير معتبر عقيدة ، لدلالة العقل على أنّ صفاته سبحانه عين ذاته.
قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « شهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة ، فمن وصف اللّه سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه. (١)
وقوله عليهالسلام : « لشهادة كل صفة أنّها غير الموصوف » إشارة إلى ما ذكرناه من المتفاهم العرفي من الصفات ، ولكن الإمام نفى الاثنينية بالبرهان ، لا بالتصرّف في معاني المشتقات ، ولا إشكال في أنّه يستعمله العامي والحكيم في معنى واحد في حقّه سبحانه إرادة استعمالية غير أنّ المراد الجدي لدى الحكيم يغاير الاستعمالي.
وأظن أنّ القوم لو فتحوا باباً خاصّاً للألفاظ ومعانيها ، وباباً آخر للعقائد ، بحيث لا يكون ظهور اللفظ مبدأً للعقيدة ، ولا العقيدة صادمة لظهور اللفظ ، لكان أحسن.
والحاصل : نحن نشاطر المحقّق الخراساني الرأي في أنّ الصفات الكمالية ، تطلق على الممكن والواجب بمعنى واحد من دون أن يكون في الإطلاق الثاني
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة الأُولى.