ج : الطلب والإرادة يتّحدان إنشاءً ، فالمنشأ بلفظ الأمر أو افعل أمر واحد ، له اسمان لكن كلّما أُطلق الطلب ينصرف إلى القسم الإنشائي من هذه الأقسام ، وكلما أُطلقت الارادة تنصرف إلى القسم الحقيقي منها.
ولعلّ بعض من ذهب إلى تعدّد الطلب والإرادة ، وعدم وحدتهما ، أراد مغايرة الإنشائي من الطلب ، مع الفرد الحقيقي من الإرادة وإلاّ فلا وجه للتعدد.
ويشهد على الوحدة أنّ الإنسان إذا حاول أن يفعل شيئاً مباشراً ، أو يقوم به غيره نيابة لم يجد في قرارة ذهنه ، سوى شيئاً واحداً يعبّر عنه تارة بالطلب التكويني وأُخرى بالإرادة الحقيقية ، ولذلك ذهب الأصحاب إلاّ من شذّ إلى وحدتهما في مجال التكوين والحقيقة ، كوحدتهما في عالم المفهوم والإنشاء ، ومن ذهب من الأصحاب إلى التعدّد ، فإنّما أخذ من الطلب ، الجانب الإنشائي ومن الإرادة القسم الحقيقي ، ولا شبهة في مغايرتهما ، إنّما الكلام مقايسة كلّ إلى الآخر في رتبة واحدة.
وليس هذا من خصائص الطلب والإرادة ، بل الأمر كذلك في مورد النهي فلا تجد في لوح النفس إلاّ أمراً واحداً كالكراهة وليس شيء آخر سواها حتى تسمّيه بلفظ آخر ، خلافاً لمورد الأمر حيث نجد هناك لفظين مختلفين ، لكن يشير إلى معنى واحد.
ومثلهما : الترجّي والتمنّي ، بل الجمل الخبرية ، فليس في مورد الجميع سوى أمر نفساني ، يعبّر عنه في مورد الإنشاء بالترجي والتمنّي ، وفي مورد الخبر بالعلم ، فليس في عامة الموارد ـ إنشائية أو إخبارية ـ سوى أمر واحد ، ويعبّر عنه بلفظ واحد كما هو الغالب أو بلفظين كما في مورد الأمر.
هذا توضيح ما في « الكفاية » مع ما في تعبيره من التعقيد.