وقد ذكر شيخنا الكليني ذلك الميزان في كتاب الكافي حيث قال : ألا ترى انّا لا نجد في الوجود ما لا يُعلم ولا يُقدر عليه وكذلك صفاته الذاتية الأزلية ، فلسنا نصفه بقدرة ، وعجز ، وعلم ، وجهل ، وسفه ، وحكمة ، وعزة ، ودولة. ولكن يجوز أن يقال : يُحب من أطاعه ، ويُبغض من عصاه ، ويُوالي من أطاعه ، ويُعادي من عصاه ، وانّه يرضى ويسخط ، إلى آخر ما أفاد. (١)
هذا وقد اختلفت كلمة أهل العلم في صفة التكلّم ، فأهل الحديث أي أتباع أحمد بن حنبل ( المتوفّى عام ٢٤١ هـ ) والأشاعرة الذين يقتفون أثر الشيخ أبي الحسن الأشعري ( ٢٦٠ ـ ٣٢٤ هـ ) على أنّها من صفات الذات كالعلم ، والقدرة والإرادة ، وهي غير هذه الثلاثة.
واختارت الإمامية والمعتزلة أنّها من صفات الفعل وإن اختلفت الطائفتان في كيفيّة تقرير كونها من صفات الفعل بعد الاتفاق على عدم كونها من صفات الذات ، وسيوافيك الفرق بين التقريرين.
ولما كان القول بأنّ التكلّم من صفات الذات مستلزماً لكونه قديماً كالذات ذهب أهل الحديث والأشاعرة برُمّتهم إلى أنّ كلامه سبحانه قديم ليس بمخلوق.
قال أحمد بن حنبل : القرآن كلام اللّه ليس بمخلوق ، فمن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر ، ومن زعم أنّ القرآن كلام اللّه عزّ وجلّ ، ووقف ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق فهو أخبث من الأوّل ، ومن زعم بأنّ ألفاظنا وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام اللّه ، فهو جهمي ، ومن لم يُكفّر هؤلاء القوم فهو مثلهم. (٢)
وعلى هذا اتّفقت الحنابلة والأشاعرة على أنّ التكلّم وصف ذاتي قديم ، وكلامه مثل ذاته قديم ، وبالتالي : القرآن قديم.
__________________
١ ـ الكافي : ١ / ١١١.
٢ ـ السنة : ٤٩.