فعلى الأوّل يكون هؤلاء مكلفين لكن يلزم تفكيك المراد من الإرادة ، بشهادة المخالفة.
وعلى الثاني يلزم عدم كونهم مكلفين فلا يصحّ العقاب. (١)
فلا محيص عن القول بأنّهم مكلّفون لا بملاك الإرادة بل بملاك الطلب ، وتفكيكه عن المطلوب غير ضائر.
وأجاب عنه المحقّق الخراساني بالتفكيك بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية ، بأنّ ما لا ينفك عن المراد هي الأُولى من الإرادتين دون الثانية ، وإليك نص كلامه حيث قال :
إنّ استحالة التخلّف إنّما تكون في الإرادة التكوينية وهو العلم بالنظام على النحو الكامل التام دون الإرادة التشريعية وهو العلم بالمصلحة في فعل المكلّف ، ومالا محيص عنه في التكليف إنّما هو هذه الإرادة التشريعية لا التكوينية. (٢)
ثمّ إنّه قدسسره أورد في مسألة أُخرى وهي أنّ سبب الإطاعة والإيمان هو موافقة الإرادة التشريعية من اللّه مع الإرادة التكوينية منه ، فعندئذ يختار العبد الإيمان والطاعة ، وسبب الكفر والعصيان مخالفة الإرادة التشريعية مع التكوينية منه سبحانه ، فالتشريعية تتعلّق بالإيمان والطاعة ، والتكوينية منه تتعلق بالخلاف فيصدر منه الكفر والعصيان.
أقول : إنّ ما ذكره ذيلاً خارج عمّا هو المطلوب في المقام ولذلك نرجئه إلى المقام الثاني الذي يأتي بعد الفراغ عن مسألة وحدة الطلب والإرادة وتعدّدهما.
ولو كان قدسسره مقتصراً بما قبل الذيل لأغنانا عن الخوض في المسألة الثانية غير أنّ كلامه في الذيل جرّه إلى البحث عن الجبر والاختيار إلى أن وصل إلى مقام
__________________
١ ـ شرح المواقف : ٨ / ٩٥.
٢ ـ الكفاية : ١ / ٩٩.