انكسر رأس يراعه ، ونحن نرجع إلى ذلك البحث بعد الفراغ من وحدة الطلب (١) والإرادة وعدمها.
وعلى كلّ حال فما ذكره في الجواب غير صحيح لوجهين :
الأوّل : أنّ تفسير الإرادة في كلا الموردين بالعلم تفسير خاطئ لاستلزامه إنكار الإرادة في ذاته ـ تقدّست أسماؤه ـ والفاعل الفاقد للإرادة أشبه بالفاعل غير المختار ، وهو إنكار لذات جامعة لجميع الصفات الجمالية والجلالية.
الثاني : انّ ظاهر كلامه أنّ الإرادة التكوينية تتعلّق بفعل النفس ولذلك لا تنفك عن المراد لكونها تحت اختيار النفس ، والإرادة التشريعية تتعلق بفعل الغير ، وبما أنّه خارج عن اختيار النفس ربّما تنفك الإرادة عن المراد فيريد المولى شيئاً ويريد العبد شيئاً آخر.
ولكنّه غير تام ، لأنّ الإرادة لا تتعلق إلاّ بما يقع تحت اختيار المريد ، والذي هو تحت اختيار الفاعل إنّما هو أفعاله ، سواء كان مبدأً للتكوين أو مبدأً للتشريع ، وأمّا فعل الغير فهو خارج عن اختيار الآمر فكيف تتعلق الإرادة بالخارج عن حيطة اختياره؟
والحاصل : أنّ دراسة ماهية الإرادة يدفعنا إلى القول بأنّها لا تتعلق إلاّ بما يقع تحت اختيار المريد وهو ليس إلاّ فعل نفسه ، وأمّا فعل الغير فهو خارج عن اختياره ، فكيف يطلبه ويريده من دون فرق بين أن يكون الآمر هو اللّه سبحانه أو الموالي العرفية.
نعم انّ اللّه سبحانه قادر على أن يلجئه إلى الطاعة ولكن المفروض غير ذلك وأنّ المطلوب قيامه بالفعل عن اختيار.
____________
١ ـ لاحظ ص ٢٩٦.