وبهذا تبيّن أنّ جواب المحقّق الخراساني غير تام.
والأولى في الجواب أن يقال : انّ الإرادة في كلا المقامين تعلقت بفعله سبحانه وأنّه ليس هنا أي تفكيك بين الإرادة ومتعلقها ، ففي القسم التكويني منها تعلقت بإيجاد العالم ، فإذا قال له كن فيكون.
وفي القسم التشريعي تعلقت إرادته بإنشاء البعث وانشاء الطلب وقد تحقّق الانشاء ولم يلزم منه تفكيك الإرادة عن المراد.
وعلى ضوء ذلك نحن نختار أنّ الكفار والعصاة مكلّفون ، وملاك التكليف إرادته سبحانه لكن ليس متعلقها أفعالهم الجوانحية والجوارحية ، بل متعلقها إنشاء البعث والطلب وإقامة الحجة عليهم ، وهو متحقّق. ويكفي هذا المقدار كونهم مكلفين.
الثالث : ما ذكره الفضل بن روزبهان ، قال : إنّ كلّ عاقل يعلم أنّ المتكلّم من قامت به صفة التكلّم ، وخالق الكلام لا يقال انّه متكلّم ، كما أنّ خالق الذوق لا يقال انّه ذائق ، فيجب أن يكون كلامه قائماً بنفسه وذاته ، وليس هو إلاّ الكلام النفسي. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما استدلّ به مبني على أنّ الهيئة موضوعة للدلالة على القيام الحلولي ، وعليه لا يكون سبحانه متكلماً إلاّ بحلول الكلام في ذاته ، وبما أنّ حلول الحروف والجمل والأصوات في ذاته أمر محال فالحال في ذاته هو الكلام النفسي أي المعاني المنتظمة.
ولكن المبنى غير تام ، إذ قد يكفي في صدق المشتق قيام المبدأ بالذات بنحو من الأنحاء سواء كان القيام حلولياً كالحي والميت أو صدورياً كالضارب ، أو لأجل صلتها بالمبدأ كاللابن والتامر ، وليس صدق المشتقات بإحدى هذه
__________________
١ ـ دلائل الصدق : ١ / ١٤٧.