الملابسات قياسياً حتى يقاس الذائق والطاعم على المتكلّم ويستدل بصدق الأخير على صدق الأولين.
ويمكن أن يقال : انّ اختلاف المبادئ من حيث التعدية واللزوم يوجب صدق بعض المشتقات عليه سبحانه دون بعض ، فما كان منها متعدياً ، يكفي فيه الإيجاد والصدور ، ويستند إليه سبحانه ، كالقابض والباسط والمتكلّم ، وما كان من قبيل اللازم يشترط فيه الحلول فلا يطلق عليه سبحانه كالنائم والذائق والقائم.
ثمّ إنّ هذا الدليل يركِّز على إثبات الكلام النفسي ولا صلة له بوحدة الطلب والإرادة أو تعدّدهما.
ومثله الدليل التالي.
الرابع : انّ الكلام كما يصحّ إطلاقه على الكلام اللفظي كذلك يصحّ إطلاقه على الكلام الموجود في النفس ، كما في قوله سبحانه : ( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدُور ) (١) فأطلق « القول » على الموجود في الذهن. وقوله سبحانه : ( إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسبكُمْ بِهِ اللّه ). (٢)
والجواب عن الآية الأُولى : انّ إطلاق القول فيها على الموجود في الضمير من باب العناية فانّ القول من التقوّل باللسان فلا يطلق على المعاني المنتظمة في النفس إلاّ بالعناية كما يقول الإنسان : إنّ نفسي صحيفة علم ، وأمّا الآية الثانية فلا صلة لها بالمقام لأنّـها ترجع إلى أنّ نية السوء يُحاسَب بها العبد.
وحصيلة البحث : انّ الكلام النفسي أمر باطل وما تصوّروه من الكلام النفسي فهو في الإنشائيات من قسم الإرادة والكراهة أو التمنّي والترجّي أو
__________________
١ ـ الملك : ١٣.