هو شيء تقبله عامة الطوائف الإسلامية ، وهذا هو شارح المواقف يقول : هذا الذي قالته المعتزلة لا ننكره ، بل نحن نقوله ونسمّيه كلاماً لفظيّاً ونعترف بحدوثه وعدم قيامه بذاته تعالى ولكن نُثبت أمراً وراء ذلك.
وثانياً : أنّ تفسير التكلّم بهذه الصورة إنّما يصح فيما إذا كلّم سبحانه شخصاً من أنبيائه كما في قوله سبحانه : ( وَكَلّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً ) (١). وليس تكليمه ـ عندئذ ـ منحصراً بما ذكر ، بل له أقسام ثلاثة أشار إليها سبحانه في بعض الآيات ، فقال : ( وَما كانَ لِبَشَر أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّه إِلاّ وَحياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجاب أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنّهُ عَليٌّ حَكِيم ). (٢)
وقد بين تعالى انّ تكليمه الأنبياء لا يعدو عن الأقسام التالية :
١. ( إِلاّ وَحياً ).
٢. ( أَوْ مِنْ وَراءِ حِجاب ).
٣. ( أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً ).
فقد أشار بقوله ( إِلاّ وَحياً ) إلى الكلام الملقى في روع الأنبياء بسرعة وخفاء.
كما أشار بقوله ( أَوْ مِنْ وَراءِ حِجاب ) إلى الكلام المسموع لموسى عليهالسلام في البقعة المباركة. قال تعالى : ( فَلَمّا أَتاها نُوديَ مِنْ شاطِىِ الوادِ الأَيْمَن فِي البُقْعَةِ المُباركةِ مِنَ الشَّجَرةِ أَنْ يا مُوسى إِنّي أَنَا اللّهُ رَبُّ العالَمِين ). (٣)
وأشار بقوله ( أَوْ يُرسل رَسُولاً ) إلى الإلقاء الذي يتوسط فيه ملك الوحي ، قال سبحانه : ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمينُ * عَلى قَلْبِك ). (٤)
__________________
١ ـ النساء : ١٦٤.
٢ ـ الشورى : ٥١.
٣ ـ القصص : ٣٠.
٤ ـ الشعراء : ١٩٣ ـ ١٩٤.