أنّ هنا أمراً آخر يُضفي على الفعل طابَع الجبر ، وهو أنّ كلّ ما في الكون قد تعلقت به الإرادة الأزلية والمشيّة الإلهية ، وبما أنّ الإرادة جزء من صحيفة الكون ، فقد تعلّقت بها الإرادة الأزلية ، فيصبح وجودها أمراً حتمياً ، ومعه لا يكون الفعل أمراً اختيارياً.
وأجاب عنه قدسسره بقوله : إنّ ثمة أُموراً أربعة :
الأوّل : العقاب.
الثاني : الكفر والعصيان.
الثالث : الاختيار والانتخاب.
الرابع : الشقاء الذاتي.
والأوّل مسبب عن الثاني وهكذا ، فالعقاب مسبب عن الكفر ، وهو بدوره مسبب عن الاختيار الذي ينتهي إلى الشقاء الذاتي. وحيث إنّ الذاتي لا يعلل فلا يصحّ القول لم جعل السعيد سعيداً والشقي شقياً. فانّ السعيد سعيد في بطن أُمّه ، والشقي شقي في بطن أُمّه. فلا مناص من دخول الكافر النار كما لا مناص من دخول المؤمن الجنة ، لكون الأوّل شقيّاً بالذات والثاني سعيداً كذلك.
وبما انّ المحقّق الخراساني لم يخرج من البحث بنتيجة باهرة بل أثار في نفس الوقت إشكالين لم يخرج من عهدة الاجابة عنهما ، وهما :
١. انّ كفر الكافر متعلّق الإرادة الأزلية فلا محيص عن كفره.
٢. انّ عقوبة الكافر معلول للشقاء الذاتي ولو بوسائط فلا مناص من كفره.
وكلا الإشكالين لا ينتجان إلاّ الجبر.
اعتذر عن هذه النتيجة السيئة للبحث بقوله : « قلم اينجا رسيد سر