والتحقير رابعاً كقوله سبحانه : ( قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدُور ) (١) إلى غير ذلك من المعاني التي تراد من صيغة الأمر.
إنّما الكلام فيما هو الموضوع له لهذه الصيغة ، فقد ذهب المحقّق الخراساني إلى أنّه وضعت لإنشاء الطلب وانّه استعمل في عامّة الموارد في هذا المعنى فلو كان هنا اختلاف فإنّما هو في الدواعي والبواعث فربّما يكون الداعي الطلب الحقيقي ، وأُخرى التمنّي ، وثالثة التعجيز ، ورابعة الإهانة ، فهي موضوعة لانشاء الطلب بلا قيد وشرط ، ومستعملة فيها في عامّة الموارد ، فبما أنّ المستعمل فيه واحد في الجميع وإنّما الاختلاف في الدواعي ، يوصف الجميع بالحقيقة.
لكنّه احتمل في ذيل كلامه أنّ استعمالها فيما إذا كان الداعي ، هو البعث والتحريك ، حقيقة وفي غيره كالتمني والتعجيز مجاز ، لا لأجل الاختلاف في المستعمل فيه ، لأنّه واحد حسب المفروض ، بل لأجل كون الوضع لإنشاء الطلب مقيّداً بما إذا كان الداعي هو التحريك لا غيره. فلأجل تخلّف شرط الوضع توصف سائر الاستعمالات بالمجازية.
يلاحظ عليه بأُمور :
١. الظاهر أنّ هيئة افعل موضوعة للبعث الإنشائي مكان البعث التكويني ؛ كما في بعث العبد والغلام إلى العمل ، باليد ، وكإغراء الكلب المعلَّم للصيد. نعم لازم البعث الإنشائي هو كون المأمور به مطلوباً ومراداً ، ويدل على ذلك أنّ مفاد « افعل » مضاد لمفاد « لا تفعل » ومفاد الثاني هو زجر المكلف عن الفعل فيكون مفاد « افعل » هو بعثه نحو الفعل.
٢. انّ ما احتمله في آخر كلامه بأنّ استعماله فيما إذا كان الداعي غير التحريك مجاز ، غير صحيح على مذهبه ، لأنّ المجاز عنده عبارة عن استعمال
__________________
١ ـ آل عمران : ١١٩.