المكلّف به بداعي أمره ، فقد حصل الغرض وسقط الأمر ، وإلاّ فلا. (١)
يلاحظ عليه : أنّه خلط بين كون الغرض من الأمر أن يكون داعياً للمكلّف إلى المأمور به ، وبين كون الغرض منه هو الإتيان به بذاك القصد. والمسلّم إنّما هو الأوّل ، وأمّا الثاني فيفتقر إلى دليل.
وبعبارة أُخرى : انّ الغرض من الأمر هو تعيين موضوع الطاعة حتّى يقف المكلّف على واجبه ، وأمّا الإتيان لأجل أمر المولى فلم يعلم أنّه غرض الأمر.
الثاني : قوله سبحانه : ( وَما أُمِرُوا إِلاّ ليَعبُدُوا اللّهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاة وَذلِكَ دينَ القَيّمة ). (٢)
وهو يدل على حصر الأوامر الصادرة منه سبحانه في التعبّدية ، حيث جاءت غاية للأمر ، في قوله ( وما أُمروا إِلاّ ليعبدوا اللّه ) أي ما أُمروا بشيء في مورد من الموارد من الطهارة إلى الديات إلاّ لأجل عبادة اللّه ، فكانت الغاية للأمر في جميع الموارد هي عبادة اللّه ، وعليه فكلّ أمر ورد في الشريعة ، عباديّ ، إلاّ ما قام الدليل على كونه غير عبادي ، وهذا العموم متّبع إلى أن يدلّ دليل على خلافه.
يلاحظ عليه : بأنّ الآية بصدد بيان حصر العبادة والطاعة في اللّه سبحانه ، لا حصر عامة أوامره في التعبّدية ، وعلى ذلك فمعنى قوله ( وما أُمروا ) أي ما أُمروا ( في مجال العبادة ) إلاّ بالعبادة الخالصة. وليس معناه انّهم ما أمروا بشيء مطلقاً إلاّ ليعبدوا اللّه به حتى تكون الغاية من الأمر مطلقاً في تمام الموارد عبادة اللّه سبحانه ، ويؤيد ذلك قوله سبحانه : ( اتّخذوا أَحبارهُمْ وَرُهبانَهُمْ أَرباباً مِنْ دُونِ اللّهِ وَالمَسيحَ ابنَ مَرْيَمَ وَما أُمِروا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُون ) (٣) فالآية ظاهرة في أنّهم ما أمروا في مجال العبادة إلاّ عبادة إله واحد لا
__________________
١ ـ أجود التقريرات : ١ / ١١٢ ـ ١١٣.
٢ ـ البينة : ٥.
٣ ـ التوبة : ٣١.