الأصل المثبت ، ضرورة أنّ نفي الوجوب من متمم الجعل ، وإثبات انّ الباقي واف بالغرض بالأصل المذكور من أظهر مصاديق الأصل المثبت ، بخلاف ما لو قلنا بإمكان أخذ قيد الدعوة ونحوه في متعلّق الأمر الأوّل فانّه عليه يرجع الشكّ إلى انبساط الأمر على الجزء أو القيد المشكوك في دخله ، فإذا جرت البراءة في انبساط الأمر عليه وتعلقه به استفدنا أنّ باقي الأجزاء هو تمام المأمور به في نظر العرف وليس ذلك من المثبت لخفاء مثل هذه الواسطة في نظر العرف. (١)
وحاصله : انّه لو قيل بإمكان الأخذ بأمر واحد تثبت أصالة البراءة الشرعية انّ المأتي به تمام الموضوع ، وأمّا على القول بعدم إمكان أخذه بأمر واحد وإنّما يمكن بأمر ثان ، فنفي الأمر الثاني بالبراءة وبالتالي نفي التعبدية لا يثبت كون المأتي به تمام الواجب.
يلاحظ عليه : بأنّ الالتزام بوجوب العلم بكون المأتي به تمام المأمور به من قبيل الالتزام بما لا يجب الالتزام به ، إذ ليس الواجب إلاّ عنوان الصلاة لا عنوان تمام المطلوب حتى يجب إحرازه ، بل يجب إحراز ما قامت عليه الحجّة سواء أكان تمام المأمور به أو لا.
إلى هنا خرجنا عن هذا البحث الضافي بالنتائج التالية :
١. انّ مقتضى الأصل اللفظي في التوصلية والتعبدية هو التوصلية.
٢. انّ مقتضى الأصل العقلي والشرعي عند عدم الدليل كالإطلاق وغيره على التوصلية ، هو التوصلية.
٣. انّ المعتبر في صحّة الواجب هو الإتيان به للّه سبحانه ، ولا يعتبر الإتيان به لأمره سبحانه.
__________________
١ ـ بدائع الأفكار : ١ / ٢٤٤.