الحجّة المقطوعة على بساط البحث ، ويبحث عن تعيّناتها وحدودها وأشكالها وألوانها ، بأنّها هل هي خبر الواحد أو الشهرة الفتوائية أو الإجماع المنقول وهكذا؟ فالبحث عندئذ يكون بحثاً عن عوارض الموضوع بعد التسليم بأصل وجوده.
فتلخّص من ذلك أنّ الموضوع هو الحجّة في الفقه ، والعوارض العارضة عليها هي العوارض التحليلية كما لا يخفى.
وقد استشكل السيّد الأُستاذ قدسسره على هذا التقرير في درس المحقّق البروجردي قدسسره وقال : لو كان الموضوع هو الحجّة في الفقه ، فالواجب أن يقال : الحجّة خبر الواحد مع أنّ المتعارف هو العكس.
فأجاب المحقّق البروجردي : بأنّ هذا نظير مسائل الفن الأعلى ، فإنّ الموضوع فيه بالاتفاق هو الموجود من حيث هو موجود ، مع أنّه يقع محمولاً لا موضوعاً ، فلا يقال : الموجود عقل ، بل يقال العقل موجود ، وهكذا ، ووجه ذلك ما أشار إليه الحكيم السبزواري في أوّل الطبيعيات حيث قال :
إن قلت : كيف يكون الجسم هناك عرضاً ذاتياً للموضوع ، والمسألة الجسم موجود؟
قلت : بل المسألة « الموجود جسم » ولا سيما على أصالة الوجود واعتبارية الماهية. (١)
وقد أورد عليه شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظلّه ـ في الدورة السابقة بأنّ لازم هذا خروج أكثر المسائل عن كونها مسألة أُصولية ، كالبحث عن ظهورات الأمر والنهي في الوجوب والتحريم ، والفور والتراخي ، والوحدة والكثرة ، ممّا يتطلب فيه إثبات أصل الظهور لا بحثاً عن تعيّنات الحجّة وتطوراتها ، ولكنّه عدل عن
__________________
١ ـ السبزواري : شرح المنظومة : ٢٠١.