الفعلين أو أحد الأفعال ، ولا مدخلية للعنوان في ثبوت الحكم ، إلاّ أنّه اتخذ وسيلة لبيان ما هو الواجب ، وتعلّق الإرادة والعلم بهذه العناوين ، بمكان من الإمكان فضلاً عن تعلّق الحكم الذي ليس إلاّ أمراً اعتبارياً.
فإذا قال المولى : « أطعم » فظاهر البيان مدخلية ذاك العنوان ، بما هو هو ، في الحكم ، لا بما أنّه أحد أفراد العنوان الانتزاعي ، ولو كان المتكلّم في مقام البيان ، وكان الواجب تعيينياً لكفى البيان المزبور ، بخلاف ما إذا كان تخييرياً ، فانّه يكون البيان ناقصاً غير واف.
وبذلك يعلم حال التردد بين العيني والكفائي ، فانّ مردّ التردد إلى أنّ التكليف توجّه إلى نفسه أو إلى عنوان أحد المكلّفين ، فانّ ظاهر الخطاب أنّه متوجّه إلى شخصه أو إلى عنوان ذاتي كالمستطيع الذي هو من مصاديقه ، وهذا بخلاف ما إذا كان واجباً كفائياً فالخطاب فيه ليس متوجّهاً إلى شخص المكلّف ولا إلى عنوان ذاتي ، بل إلى عنوان انتزاعي كأحد المكلّفين.
يلاحظ عليه : انّ ما ذكره مبني على تفسير الفرق بين التعييني والتخييري أو العيني والكفائي بما ذكر ، وسيوافيك عدم صحّته وانّ التعلق في الجميع بنحو واحد. وإنّما الاختلاف في سنخ الوجوب ، لا في متعلقه على النحو الذي مرّ.
هذا كلّه حول الأصل اللفظي ، وأمّا مقتضى الأصل العملي فقد فرّقه الأُصوليون المتأخرون فبحثوا عن مقتضى الأصل فيما إذا دار بين النفسي والغيري في مبحث وجوب المقدمة ، وعن الأمرين الأخيرين في مبحث البراءة والاشتغال.