وفقد ما يصلح للقرينية ، فثبوت الإطلاق ، المساوق للوجوب ، فرع عدم وجود ما يصلح للقرينية ، لكن النهي المتقدّم يصلح لها وانّ المراد من الأمر ، هو نقض النهي والحظر لا البعث الجدّي إلى المتعلّق.
أمّا على المذهب المختار فهو أيضاً كذلك ، لأنّ الموضوع لوجوب الطاعة ، هو الأمر ، غير المكتنف بما يصلح لأن يصرفه إلى أنّ المقصود رفع الحظر المحقق ، أو المتوهم وليس هذا الاحتمال ، نظير احتمال إرادة الندب من الأمر المطلق ، غير المكتنف بما يصلح للقرينية ، إذ لا إجمال فيه ، ولا يكون الاحتمال المجرّد عذراً في ترك المأمور به ، بخلاف المقام.
ومن ذلك يعلم ، أنّ أقوى الأقوال هو القول بالإجمال والرجوع إلى الأُصول العملية إذا لم يكن هناك دليل اجتهادي فوقهما وإلاّ فلا تصل النوبة إلى الأصل العملي وهذا كما في مورد المرأة الحائض.
فقد ورد مفاد النهي في قوله سبحانه ( فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحيض ).
وورد الأمر بعده عند زوال ملاك النهي وقال : ( فإذا تَطَهّرْنَ فأتُوهُنَّ مِن حَيثُ أمرَكُمُ اللّه ) ولاحتفاف الأمر بما يصلح للقرينة ، يصبح الأمر مجملاً غير دال إلاّ على حكم شرعي مردد بين الأحكام الأربعة.
ولكن لما كان في المقام تشريع فوقاني دال بإطلاقه الأحوالي على حكم الزمان الذي ورد فيه الأمر ، يكون هو المرجع ، أعني قوله سبحانه : ( نساؤكُمْ حَرثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حرثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) (١) فهو بإطلاقه يعم حال المحيض والطهارة ، خرج عنه الأوّل ، وبقي الباقي تحته ، ويكون الحكم الشرعي هو الإباحة الشرعية.
__________________
١ ـ البقرة : ٢٢٣.